أفادت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الثقافة أن قرارًا سياديًا غير معلن قد صدر بإقالة وزير الثقافة المصري فاروق حسني من منصبه بعد الأزمة الخطيرة التي تسبب بها عندما سهل منح جائزة الدولة التقديرية للكاتب سيد القمني.
وقد اعترف القمني علنًا بتزوير شهادته العلمية زاعمًا عدم علمه بأن الجامعة تمنح شهادات مزورة, فيما اتُّهم بازدراء الإسلام والأديان.
وقد سببت هذه الأزمة إحراجًا كبيرًا للنظام السياسي مع تنامي الرفض الشعبي لما حدث في المجلس الأعلى للثقافة وفشل الوزير في حملة الدفاع عن موقفه.
وأكدت المصادر أن جهة سيادية عليا طلبت من فاروق حسني مغادرة مصر والبقاء في الخارج لمدة تقترب من شهر ونصف على الأقل حتى تنجلي موقعة انتخابات المدير التنفيذي لليونسكو، حيث من المقرر الإعلان عن إقالة فاروق حسني بعدها ـ سواء فاز في الانتخابات أو فشل ـ وسوف يغادر حسني البلاد في غضون يومين أو ثلاثة على الأكثر تنفيذًا للأمر السيادي. وفقًا لموقع "المصريون".
وكانت القيادة السياسية قد أبدت غضبها الشديد من الأحداث الأخيرة، وما أثارته جائزة القمني من غضب شعبي واسع النطاق واستهجان من قيادات سياسية وبرلمانية وحزبية ودينية رفيعة، ووصفتها بالاستهتار وعدم تقدير المسؤولية، خاصة وأنها أتت في وقت كانت الحكومة المصرية تبذل جهدًا استثنائيًا لدعم ترشيح فاروق حسني لليونسكو.
تراجع فرص فوز حسني:
على الصعيد نفسه تسود حالة من الإحباط في أوساط المؤسسة الثقافية الرسمية من تراجع فرص فوز حسني في انتخابات اليونسكو المقبلة، بعد الضجة التي ثارت في مصر مؤخرًا حول السياسات التي أدار بها وزارة الثقافة والكشف عن انتشار وقائع الفساد والرشوة وغياب الشفافية والاضطرابات الشعبية التي شهدتها البلاد على خلفية سياسات متصلة بوزارة الثقافة تحديدًا.
يأتي ذلك متوافقًا مع تضامن أوربي واسع مع المرشحة النمساوية بينيتا فيريرو فالدنر مفوضة الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر المرشح الرئيس حاليًا والأوفر حظًا للفوز بمعقد المدير التنفيذي لليونسكو.
مطالب بمقاضاة عصفور:
من جانب آخر عبر مثقفون وأكاديميون مصريون عن استنكارهم إزاء ما كُشف عن منح الدكتور جابر عصفور الرئيس السابق للمجلس الأعلى للثقافة جائزة الدولة التقديرية قبل سنوات للدكتورة زبيدة محمد عطا العميدة السابقة لكلية الآداب جامعة حلوان، مقابل قيامها بتعيين ابنته معيدة بالكلية - بالقسم الإسباني - رغم عدم وجود هذا التخصص داخل الكلية أو الجامعة.
لكنهم قالوا: إنهم لم يتفاجأوا بالكشف عن هذه الواقعة، في سياق ما وصفوه بـ"سيطرة المجاملات السخيفة وغياب الشفافية وانعدام المعايير المهنية، لتحقيق أهداف شخصية"، وطالبوا بالتحقيق في ملابساتها، لبيان مدى استحقاق الدكتورة زبيدة لهذه الجائزة مقارنة بنظرائها من الأكاديميين والمتخصصين في التاريخ.
مصالح شخصية:
واعتبر المفكر السياسي الدكتور رفيق حبيب، أن هذا يعد دليلاً على أن جوائز الدولة التقديرية يتم استغلالها في إطار تحقيق المصالح الشخصية للنخبة المثقفة، وأنها تمنح لأسباب أبعد ما تكون عن الموضوعية، لذا فلا يمكن استبعاد منح عصفور الجائزة من أجل تمرير مصلحة ابنته في إحدى الكليات.
وأضاف أن هذا يعكس افتقاد جائزة الدولة لأي قيمة معنوية وعلمية، وأنها تحولت للتخديم على المصالح؛ مثل إصدار قرارات اقتصادية لصالح فئة بعينها، أو إفساح المجال للسيطرة على أراضي الدولة، لذا فالجائزة فقدت أي قيمة مادامت تسيطر عليها سياسة المصالح.
قضية القمني فتحت الباب على بقية الفضائح:
من جانبه، رأى الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ الإسلامي أن ما أحاط الجائزة من لغط بعد فوز سيد القمني بها، كان له فضل في فتح الباب على مصراعيه لفضح ما شاب منح الجائزة خلال السنوات الماضية، واستغلالها لتحقيق مصالح شخصية وإبعادها عن أي معايير مهنية.
وأكد أن هذه الواقعة في حالة صحتها تعد فضيحة لا ينبغي السكوت حيالها بل فضحها وأن يتم التركيز عليها بنفس الطريقة التي تمت بها معالجة قضية منح سيد القمني جائزة الدولة التقديرية.
وطالب بضرورة غربلة كلما يتعلق بجوائز الدولة التقديرية، وإعادة تشكيل اللجان، وإبعاد أية عناصر تتورط في مجاملات أو استخدام الجائزة لخدمة مصالحها، إذا كنا راغبين حقًا في استعادة المصداقية والقيمة لهذه الجائزة.
وشاطره الرأي الدكتور محمد جمال حشمت الأستاذ بجامعة الإسكندرية وعضو مجلس الشعب السابق, مطالبًا بتشكيل لجنة لمراجعة قوائم من حصلوا على الجائزة والكشف عن أية مخالفات أمام الرأي العام بكل شفافية، ورأى أن هذه الواقعة التي فجرتها قضية القمني تعد دليلاً على سيطرة الفساد والمحسوبية وغياب الشفافية.
واعتبر حشمت أن الواقعة تعكس سياسة المجاملة والفساد الذي يسيطر على المجلس، انسجامًا مع "فساد النظام السياسي"، إذ إن الجائزة لا تمنح إلا لأشخاص لا يتبنون أي فكر معارض، وليست عليهم خطوط حمراء، دون اشتراط أن يكونوا من أصحاب القامة الفكرية العالية، وهو ما يشير إلى أهمية إعادة النظر في الجهات المهيمنة على هذه الجوائز إذا أريد لها أن تستعيد بريقها.[/color]