عدد المساهمات : 305النقاط : 489السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 17/06/2009 العمر : 28
موضوع: لمن يسال عن الحب حلال او حرام الأربعاء 13 يناير 2010 - 17:25
كثيرا ما يسأل الشباب هل الحب حلال أم ؟ وفي الواقع هناك إجابات كثيرة عن هذا السؤال ولقد آثرت أن أختار لكم فتوى لأحد العلماء وهو الشيخ عطية صقر رحمه الله .
وسئل رحمه الله : هل الحب حلال أو ؟.
أجاب : يقول الله سبحانه { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } آل عمران : 31 ، ويقول فيما رواه مالك فى الموطأ " قال الله تعالى : وجبت محبتى للمتحابين فى ، والمتجالسين فى، والمتزاورين فى " ويقول فيما رواه البخاري " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " .
الحب فى دنيا الناس تعلق قلبى يحس معه المحب لذة وراحة ، وهو غذاء للروح ، وشبع للغريزة ، ورى للعاطفة ، أفرده بالتأليف كثير من العلماء الأجلاء ، ومن جهة حكمه فإنه يعطى حكم ما تعلق به القلب فى موضوعه والغرض منه ، فمنه حب الصالحين ، وحب الوالد لأولاده ، وحب الزوجين ، وحب الأصدقاء ، وحب الولد لوالديه ، والطالب لمعلمه ، وحب الطبيعة والمناظر الخلابة والأصوات الحسنة وكل شىء جميل .
ومن هنا قال العلماء : قد يكون الحب واجبا ، كحب الله ورسوله ، وقد يكون مندوبا كحب الصالحين ، وقد يكون ا كحب الخمر ولجنس المحرم ، وأكثر ما يسأل الناس عنه هو الحب بين الجنسين ، وبخاصة بين الشباب ، فقد يكون حبا قلبيا أى عاطفيا ، وقد يكون حبا شهويا جنسيا ، والفرق بينهما دقيق ، وقد يتلازمان ، ومهما يكن من شىء فإن الحب بنوعيه قد يولد سريعا من نظرة عابرة ، بل قد يكون متولدا من فكر أو ذكر على الغيب دون مشاهدة ، وهنا قد يزول وقد يبقى ويشتد إن تكرر أو طال السبب المولد له.
وقد يولد الحب بعد تكرر سببه أو طول أمده ، وهذا ما يظهر فيه فعل الإنسان وقصده واختياره ، ومن هنا لابد من معرفة السبب المولد للحب ، فإن كان من النوع الأول الحادث من نظر الفجأة أو الخاطر وحديث النفس العابر فهو أمر لا تسلم منه الطبيعة البشرية ، وقد يدخل تحت الاضطرار فلا يحكم عليه بحل ولا حرمة ، وإن كان من النوع الثانى الذى تكرر سببه أو طالت مدته فهو بسبب حرمة السبب المؤدى له .
وإذا تمكن الحب من القلب بسبب اضطر إليه ، فإن أدى إلى محرم كخلوة بأجنبية أو مصافحة أو كلام مثير أو انشغال عن واجب كان ا ، وإن خلا من ذلك فلا حرمة فيه ، والحب الذى يتولد من طول فكر أو على الغيب عند الاستغراق فى تقويم صفات المحبوب إن أدى إلى محرم كان ا ، وإلا كان حلالا، وما تولد عن نظرة متعمدة أو محادثة أو ما أشبه ذلك من الممنوعات فهو غالبا يسلم إلى محرمات متلاحقة ، وبالتالى يكون ا فوق أن سببه محرم .
وعلى كل حال فأحذر الشباب من الجنسين أن يورطوا أنفسهم فى الوقوع فى خضم العواطف والشهوات الجنسية ، فإن بحر الحب عميق متلاطم الأمواج شديد المخاطر، لا يسلم منه إلا قوى شديد بعقله وخلقه ودينه ، وقَلَّ من وقع فى أسره أن يفلت منه ، والعوامل التى تفك أسره تضعف كثيرا أمام جبروت العاطفة المشبوبة والشهوة الجامحة .
وبهذه المناسبة طُرِحَ هذا السؤال : أنا فتاة من أسرة متدينة ، ولكن شعرت بقلبى يشد إلى شاب توسمت فيه كل خير، ولا أدرى إن كان يشعر نحوى بما أشعر به ، فهل هذا الحب يتنافى مع الدين ؟ .
إن الحب إذا لم يتعد دائرة الإعجاب ولم تكن معه محرمات فصاحبه معذور ، ولكن إذا تطور وتخطى الحدود فهنا يكون الحظر والمنع ، وإذا كان للفتاة أن تحب من يبادلها ذلك والتزمت الحدود الشرعية فقد ينتهى نهاية سعيدة بالزواج ، وإذا كان للزوجة أن تحب فليكن حبها لزوجها وأولادها ، إلى جانب حبها لأهلها ، لكن لا يجوز أن يتعلق قلبها بشخص أجنبى غير زوجها ، تعلقا يثير الغريزة ، فقد يؤدى إلى النفور من الزوج والسعى إلى التفلت من سلطانه بطريق مشروع أو غير مشروع ، والطريق المشروع هو الطلاق مع التضحية بما لها من حقوق ، وهو ما يسمى بالخُلْع ، فقد جاءت امرأة ثابت بن قيس ابن شماس - وهى حبيبة بنت سهل أو جميلة بنت سلول - إلى النبى صلى الله عليه وسلم تقول له : إن زوجها لا تعيب عليه فى خلق ولا دين ، ولكنها تكره الكفر فى الإسلام ، لأنها لا تحبه لدمامته ، وقد جاء فى بعض الروايات أنها رأته فى جماعة من الناس فإذا هو أشدهم سوادا ، وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها ، فردت إليه الحديقة التى دفعها إليها مهرا وطلقها. رواه البخارى وغيره .
أما أن تستجيب الزوجة إلى صوت قلبها وغريزتها عن غير هذا الطريق فهو الخيانة الكبرى التى جعل الإسلام عقوبتها الإعدام فى أشنع صوره ، وهى الرجم بالحجارة حتى تموت ، فلتتق اللّه الزوجة ، ولا تترك قلبها يتعلق بغير زوجها تعلقا عاطفيا ، ولتحذر أن تذكر اسم من تحب أو تتحدث عنه أو تظهر لزوجها أى ميل نحوه ، حتى لو كان الميل إعجابا بخلق ، فإن الزوج يغار أن يكون فى حياة زوجته إنسان آخر مهما كان شأنه ، والله سبحانه جعل من صفات الحور العين ، لتكمل متعة الرجال بهن ، عدم التطلع إلى غير أزواجهن فقال فيهن { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } الرحمن : 56 ، وقال تعالى { حور مقصورات فى الخيام } الرحمن : 72 ، وذلك لتحقق الزوجة قول الله تعالى { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } الروم : 21 .
وأنتهز هذه الفرصة وأقول للفتاة غير المتزوجة ، إذا ربطت علاقة الحب بين فتى وفتاة واتفقا على الزواج ينبغى أن يكون ذلك بعلم أولياء الأمور، لأنهم يعرفون مصلحتهما أكثر ، ولأن الفتى والفتاة تدفعهما العاطفة الجارفة دون تعقل أو روية أو نظر بعيد إلى الآثار المترتبة على ذلك ، فلابد من مساعدة أهل الطرفين ، للاطمئنان على المصير وتقديم النصح اللازم ، مع التنبيه إلى التزام كل الآداب الشرعية حتى يتم العقد، فربما لا تكون النهاية زواجا فتكون الشائعات والاتهامات . والدين لا يوافق على حب لا تُلتزم فيه الحدود .
كان هذا هو كلام الشيخ عطية صقر رحمه الله والذي فيه من الحكم من فيه وأحب هنا أن أضيف عدة ملاحظات بسيطة :
أولا : ليس كل من أحب يصلح للزواج فهذا شيء وهذا شيء آخر .
ثانيا : ليس كل من قال أنه يحب صادق فيما يقوله فربما هو يشتهي فقط أو يريد الإيقاع بالفتاة لغرض شهواني .
ثالثا : إن صلح الحب صلح الفعل .
رابعا : لا يجوز أبدا لمن يحب أن يخبر من يحبها بحبه لها أو العكس فهذا من المحرمات وعليهم أن يتقوا الله في أنفسهم ولننظر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لم ير للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجة ، فالزواج هو السبيل الوحيد لكل من أحب .
خامسا : لكل فتاة أقول لها لو أن الشاب الذي يزعم أنه يحبك رضي لك مالا يرضاه أخته فاعلمي أنه يخدعك ولا يحبك .
سادسا : ما فرطت فتاة في نفسها إلا وزهد فيها الشاب الذي فرطت في نفسها لأجله وهذه قاعدة عامة فإياك والتفريط في دينك وعرضك .
سابعا : إن أحببت ولم تك قادرا على الزواج فاصبر ولا ترتكب شيئا من ال فإن كانت من أحببتها زوجتك التي كتب الله لك فإنك ستنالها ولن ينالها غيرك فاطمئن واقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول ( أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم ) رواه ابن ماجة ، فأحسن طلبك لرزقك وخذه بالحلال واعلم أن الزوجة رزق .
ثامنا : نجد كثير من الشباب والفتيات من يجعل من الحب قضية حياة أو موت فهو يستيقظ يحب ويمشي يحب وينام يحب وكل حياته حب في حب وأقصد أن كل قلبه مشغول بحبيبه وهذا بلاء عظيم لأنه لا شك ينشغل عن طاعة الله وحب الله والتقرب لله فلتحذر ولا تجعل الحب يصرفك عما هو أهم وأفضل فالأصل أنك خلقت لعبادة الله وليس لتحب هذه أو تلك وذلك ما تبثه الأغاني والمسلسلات والأفلام في نفوس الشباب وتربيهم عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
قال الله تعالى : { فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متّخذات أخدان } [ النساء : 25 ]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها ، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه ، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل ينبغي أن يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل : فهذا محل فتنة " انتهى من " لقاءات الباب المفتوح" ( 26 / السؤال رقم13) .
ما دعوى عدم مقدرتك على قطع هذه العلاقة ، فهذا ما يقوله كل مدمن على المعصية ، يصور له الشيطان عجزه عن ترك معصيته ، ولا شك أنه سيشعر بكثير من الألم في مبدأ الأمر ، لكن إن أقبل على ربه ، وسأله وتضرع إليه ، واستحضر شدة عذابه وعقابه ، أمكنه أن يفلت من أسر المعصية ، وأن يتحرر من ربقة الذنب ، وما أكثر من كان مدمنا على الخمر ثم تاب ، ومن كان مقيما على الزنا ثم أقلع ، فالأمر يحتاج إلى صدق التوبة ، وقوة العزيمة ، وزيادة الإيمان .
وأما الحديث عن رغبته وصدقه في الزواج منك ، وأن الإنسان يميز بين الحب الصادق وغيره ، فأنت تخلطين بين أمرين ، فقد يكون الرجل صادقا في محبته لك ، بل عاشقا متيما ، لكنه لا يفكر لحظة في الزواج منك ، وهذا هو الغالب على هذه العلاقات المحرمة ، فإن الرجل يعشق المرأة من خلال كلامها ومراسلتها واهتمامها به ، كما قد يحصل لها مثل ذلك أيضا ، لكن الزواج منها مسألة أخرى ، فقد لا يكون مؤهلا للزواج أصلا ، وقد تكون ظروفه المعيشية لا تساعده على الزواج من هذه المرأة بعينها ، وقد يراها ساقطة منحرفة لا تؤمن على بيت وعرض ، وهذا هو الغالب ، فإن المرأة التي تخون أهلها وتجرؤ على مراسلة أجنبي عنها ، يمكن أن تخون زوجها ، لأنها عرفت طريق العلاقات ، وتبادل الرسائل والكلمات .
سواء رغب هذا الإنسان في الزواج منك أو لم يرغب ، فإن هذا لا يبيح لك أن تقعي فيما حرم الله من مراسلته ، ونقول أيضا : إن إصرار هذا الشاب على مراسلتك دليل على فسقه وفجوره وانحرافه ، وإلا .. فهل يرضى هذه المراسلة لأخته؟ وما يؤمنّك أن يكون هذا الشاب زوجا صادقا معك – إن تزوجك - فقد تكون له علاقات مع غيرك ، فهذا شأن المنحرفين الذين جربوا هذا الطريق .
فأفيقي من الوهم ، واحذري غضب الجبار سبحانه ، واحمدي الله على نعمة الستر ، واعلمي أن الموت يأتي بغتة ، وأن عذاب الآخرة لا يقارن بشيء من عذاب الدنيا .
أقبلي على صلاتك وذكرك ، وأكثري من سؤال ربك ، وتضرعي إليه أن يصرف عنك هذا البلاء ، وأن يطهر قلبك من الأمراض والأدواء ، فإنه ما خاب من أمّله ، ولا ضاع عبدٌ سأله.
واعلمي أن هذا الطريق قد سلكه كثيرات قبلك ، وكن يثقن بأنفسهن جداً ، ويثقن بالشاب الذي يمنيهن بالزواج جدا جداً ، ومع ذلك .. فقد انهارت تلك الثقة
والله أعلم .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته