هل تعلم أن الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله هو إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية. مولده ووفاته في المدينة. كان صلباً في دينه، بعيداً عن الأمراء والملوك، وشي به إلى جعفر عم المنصور العباسي، فضربه سياطاً انخلعت لها كتفه. ووجه إليه الرشيد العباسي ليأتيه فيحدثه، فقال: العلم يؤتى؛ فقصد الرشيد منزله واستند إلى الجدار، فقال مالك: يا أمير المؤمنين من إجلال رسول الله إجلال العلم، فجلس بين يديه، فحدثه. وسأله المنصور أن يضع كتاباً للناس يحملهم على العمل به، فصنف «الموطأ ط». وله رسالة في «الوعظ ط» وكتاب في «المسائل خ» ورسالة في «الرد على القدرية» وكتاب في «النجوم» و«تفسير غريب القرآن» وأخباره كثيرة.
هل تعلم أن الإمام الشافعي واسمه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله هو أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. وإليه تنسب الشافعية كافة. ولد في غزة (بفلسطين) وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين. وزار بغداد مرتين. وقصد مصر سنة 199ه وتوفي فيها، وقبره معروف في القاهرة. قال المبرد: كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراآت. وقال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منة. وكان من أحذق قريش بالرمي، يصيب من العشرة عشرة، برع في ذلك أولاً كما برع في الشعر واللغة وأيام العرب، ثم أقبل على الفقه والحديث، وأفتى وهو ابن عشرين سنة. وكان ذكياً مفرطاً في الذكاء. له تصانيف كثيرة، أشهرها كتاب «الأم ط» في الفقه، سبع مجلدات، ومن كتبه «المسند ط» في الحديث، و«أحكام القرآن ط» و«السنن ط» و«الرسالة ط» في أصول الفقه، و«اختلاف الحديث ط» و«السبق والرمي» و«فضائل قريش» و«أدب القاضي» و«المواريث».
هل تعلم أن أصل سلمان الفارسي من مجوس أصبهان. عاش عمراً طويلاً، واختلفوا فيما كان يسمى به في بلاده. وقالوا: نشأ في قرية جيان، ورحل إلى الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية: وقرأ كتب الفرس والروم واليهود، وقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب فاستخدموه، ثم استعبدوه وباعوه؛ فاشتراه رجل من قريظة فجاء به إلى المدينة. وعلم سلمان بخبر الإسلام، فقصد النبي صلى الله عليه وسلم بقباء وسمع كلامه، ولازمه أياماً. وأبى أن «يتحرر» بالإسلام، فأعانه المسلمون على شراء نفسه من صاحبه. فأظهر إسلامه. وكان قوي الجسم، صحيح الرأي، عالماً بالشرائع وغيرها. وهو الذي دل المسلمين على حفر الخندق، في غزوة الأحزاب، حتى اختلف عليه المهاجرون والأنصار، كلاهما يقول: سلمان منا، فقال رسول الله: سلمان منا أهل البيت، وسئل عنه علي فقال: امرؤ منا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحراً لا ينزف. وجعل أميراً على المدائن، فأقام فيها إلى أن توفي. وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به. ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده. له في كتب الحديث 60 حديثاً.
هل تعلم أن شجرة الدر الصالحية، أم خليل، الملقبة ب عصمة الدين: ملكة مصر أصلها من جواري الملك الصالح نجم الدين أيوب. اشتراها في أيام أبيه، وحظيت عنده، وولدت له ابنه خليلاً، فأعتقها وتزوجها، فكانت معه في البلاد الشامية، لما كان مستولياً على الشام، مدة طويلة. ثم لما انتقل إلى مصر وتولى السلطنة، كانت في بعض الأحيان تدير أمور الدولة عند غيابه في الغزوات. وكانت ذات عقل وحزم، كاتبة قارئة، لها معرفة تامة بأحوال المملكة، وقد نالت من العز والرفعة ما لم تنله امرأة قبلها ولا بعدها ويسميها سبط ابن الجوزي «شجرة الدر» ويقول: «كانت تكتب خطاً يشبه خط الملك الصالح، فكانت تعلم على التواقيع» ولما توفي الملك الصالح (سنة 647 ه) بالمنصورة، والمعارك ناشبة بين جيشه والإفرنج، كانت عنده فأخفت خبر موته، واستمر كل شيء كما كان: السماط يمد كل يوم، والأمراء في الخدمة، وهي تقول: السلطان مريض ما يصل أحد إليه. وأرسلت بعض رجالها إلى ابنه «تورنشاه» وكان في حصن حيفا، فحضر. وحين علمت بوصوله إلى القدس في طريقه انتقلت هي إلى القاهرة، فبعث يهددها، ويطلب المال والجواهر، فخافت شره. واستوحش منه بعض المماليك فقتلوه. وتقدمت للملك، فخطب لها على المنابر، وضربت السكة باسمها، وأقامت عز الدين أيبك الصالحي، وزير زوجها، وزيراً لها. وكان علامتها على المراسيم «أم خليل» وعلى السكة «المستعصمية الصالحية، مكلة المسلمين، والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين» ولم يستقر أمرها غير ثمانين يوماً، وخرجت الشام عن طاعتها، فتزوجت بوزيرها «عز الدين» وتنازلت له عن السلطنة، واحتفظت بالسيطرة عليه. فطلق زوجته الأولى «أم علي» وتلقب بالملك المعز. ثم أراد أن يتزوج عليها، فأمرت مماليكها فقتلوه خنقاً بالحمام. وعلم ابنه «علي» بالأمر، فقبض عليها، وسلمها إلى أمه، فأمرت جواريها أن يقتلنها بالقباقيب والنعال فضربنها حتى ماتت.
هل تعلم أن أحمد عرابي بن محمد عرابي: زعيم مصري، ممن تركت لهم الحوادث ذكراً في تاريخ مصر الحديث. ولد في قرية «هرية رزنة» من قرى الزقازيق بمصر، وجاور في الأزهر سنتين ثم انتظم جندياً في الجيش سنة 1271 ه وبلغ رتبة «أميرالاي» في أيام الخديوي توفيق. وفي أوائل سنة 1298 ه استفحل أمر الشراكسة بمصر، وهم ناظر الجهادية «عثمان رفقي باشا الشركسي» بتنحية فريق من الوطنيين عن مراكزهم، فاجتمع عدد من هؤلاء وانتدبوا أحمد عرابي للمطالبة بمواد اتفقوا عليها، منها: عزل عثمان رفقي من الجهادية، وتأليف مجلس نواب. فرفع عرابي الأمر إلى رئيس النظار «رياض باشا» فأهمله إلى أن انعقد المجلس برئاسة الخديوي وقرر محاكمة عرابي واثنين من أصحابه، فقبض عليهم، فهاج الضباط الوطنيون وأقبل بعضهم بجنودهم فأحدقوا بديوان الجهادية (الحربية) وأخرجوا المعتقلين عرابي ورفيقيه وفر عثمان رفقي ورجاله إلى قصر عابدين، ثم صدر الأمر بعزل عثمان رفقي من نظارة الجهادية وتولية «محمود سامي باشا البارودي» فأقام مدة يسيرة وعزل، وعاد عرابي وأصحابه إلى هياجهم، فانحلت وزارة رياض باشا. وتألفت ثانية برئاسة شريف باشا أعيد فيها محمود سامي إلى نظارة الجهادية وجعل عرابي وكيلاً للجهادية فيها، وأنعم عليه برتبة اللواء «باشا» وأجيب إخوانه إلى بعض مطالبهم. وتتابعت الحوادث فسقطت هذه الوزارة وخلفتها وزارة برئاسة محمود سامي باشا جعل عرابي ناظراً للجهادية فيها، ثم استقالت. ولم ير الخديوي مندوحة عن إعادة عرابي إلى الجهادية، فاستبقاه وظلت مصر بلا وزارة إلى أن تألفت وزارة راغب باشا ووقعت المذبحة في الاسكندرية وضربها الانكليز (1299 ه 1882 م) واستولوا على التل الكبير بعد معارك ودخلوا القاهرة فحلوا الجيش المصري ونفوا عرابي باشا إلى جزيرة سيلان (1300 ه 1882 م) حيث مكث 19 عاماً. وأطلق في أيام الخديوي عباس سنة 1319 فعاد إلى مصر وتوفي بالقاهرة.